وللقلم رأى

للقلم رأى مدونة تترك للقلم العنان ليعبر عن رأيه فماذا كتب

الاسم:
الموقع: القاهرة, Egypt

لتتعرف عليّ اقرأني

الخميس، أغسطس ٣١، ٢٠٠٦

ممارسات نقدية 5- القلادة


القلادة
نص القصة القصيرة :قلادة الدهشةكنت أتابع هبوط الطائرة صوب مدرجها قرب البحر ويكاد يخيل لمن يتابعها أنها سوف تسقط في الماء . للوصول رعشة مميزة فعندما لامست عجلات الطائرة أرض المدرج إرتعش جسدي بشدة ، لابد أنَّ الوصول إلى مكان كنت ُأحلم بالذهاب إليه هو السبب في هذا الشعور اللذيذ .كان بانتظاري أقارب وأصدقاء وقد أبدى الجميع استعداهم لتوصيلي إلى مكان إقامتي في هذا البلد .أتأمل الشوارع والمباني أثناء سير السيارة التي تقلني وكل شئ في هذه المدينة يدلُّ على حضارتها .ينبغي أن أبدأ جولاتي في المدينة لكي أرى معالمها ، تحسست حقيبتي لأتأكد من وجود الكاميرا .كل شيء مبهج في هذه المدينة ، سكانها منطلقون ، وجوههم سعيدة وقد شرح لي صديق كيف أتجول وقدم لي خريطة للمدينة محدداً أماكن محطات المترو وأسمائها .الوقت بالنسبة لي هنا ثمينٌ جدا وعلىَّ ملاحقته بالتجول والتعرف إلى معالم المدينة ولهذا صحوت مبكراً وخرجت ومعي الخريطة إلى أقرب محطة مترو .اشعر بغربة حقيقية إذا لم أتمكن من السؤال عن أي أمر في بلد لا أتقن لغته وفي المترو جلست على أول مقعد صادفني في فترة الذروة الصباحية هذه التي ينطلق فيها الجميع إلى أعمالهم .من بين الركاب .. طالعتني عيناه ....كان يحدِّق بي بطريقة لافتة للنظر ويبدو أنه عربي ولكن هل عرف أنني عربية أم أنني أشبه سيدةً يعرفها ؟انشغلت عنه بقراءة أسماء المحطات في لوحة مثبتة إلى جانبي وكنت ألقي نظرة سريعة إلى مكانه كلما توقف المترو في محطة لعله يغادر لكن عينيَّ كانتا تلتقيان بعينيه مباشرة .هاهي المحطة التي أريد .. توقف المترو وبسرعة تسلقت الدرج الصاعد إلى الخارج لكنه استوقفني بلهجة عراقية : ـ هل أنت عروبية مدام مجد ؟التفت إليه بنظرة حيرى وأعجبت بفراسته وقدرته على معرفتي .. كيف في بلد كبير وفي هذا الزحام يعرفني ؟وقبل أن أجيب تابع كلامه : أنا الدكتور عبد الرحمن عراقي ولكني أحمل الجنسية الإنكليزية ثم مد إليَّ بطاقة كتب عليها اسمه وأرقام هواتفه قائلا إنْ احتجتِ إلى شئ مدام مجد أو أي خدمة لا تترددي بالاتصال وأسرع مغادرا المحطة والمكان .كدتُ أصرخ به ليتوقف ربما لشعوري بالألفة تجاه عربي في بلاد غريبة وقد تكون حاجتي لدليل يرافقني في التجول في مدينة غريبة ، لكن خجلي وحيائي منعاني من الصراخ .من هو وكيف عرفني من بين الجميع لقد لفظ اسمي وهذا يدل على معرفة أكيدة .ألححت على ذاكرتي لعلها تسعفني بتذكره أو باستحضار بعض التفاصيل عن الأماكن المحتمل أن نكون قدا لتقينا بها لكن دون جدوى ولم تغب صورته من ذهني على مدى يومين .أخيراً قررت أخذ مبادرة تريحني وتجيب عن سؤالي وعلى الهاتف حدد لي موعد لقاء .تمر الدقائق بطيئة في انتظار وصوله وأخيراً يطلُّ بابتسامته الطيبة ويجلس في الكرسي المقابل ممعنا النظر إلى صدري وابتسامة تعلو شفتيهمدام مجد أريد أن أسالك سؤالا قبل أن يأخذنا الحديث ؟هل قلادتك مشغولة في بلدك ؟ بحكم الاعتياد لم أكن أطالع قلادتي ولكنه حين سألني نظرت إليها .أطرقت إلى المنضدة التي أمامي وقد انتابتني ضحكة هستيرية لم أتمكن من كبحها رغم دهشته الكبيرة ونظرات الناس من حولنا .قلادتي كانت .. عبارة عن اسمي مكتوباً بالحرف العربي
. ------------------------------------------------------------------------------------------------------------ العنوان
(قلادة الدهشة )هو عنوان جميل جذاب لا يكشف عن ذات النص بل يوضح لنا فقط أن هناك شيئا ( القلادة ) نتج عنها ( دهشة )-
الفكرة
( حين نكون فى بلد الغربة نسى أن هناك غرباء مثلنا ) هى سافرت إلى بلد غريب لاتعرف فيها أحد – تقابل شخصا ذو ملامح عربية يبادر إلى التحدث معها ويذكر إسمها فتتعجب من سابق معرفته بها وتبحث فى شوارع الذاكرة الواسعة عنه فلم تجده فتبادر بالإتصال به – يتقابلا فإذا به يكشف عن أن قلادتها هى السبب فى معرفته به حيث أنها إسمها باللغة العربية
- الشخصيات-
هى : الشخصية الرئيسية التى تلعب دور الراوى العليم فى سرد أحداث قصتها .لم تقدم لنا الكاتبة توضيحا لهذه الشخصية من كونها مسطحة فيسهل علينا معرفتها أم دائرية معقدة فنحاول العدو فيما وراء النص علنا نجد مفاتيح الشخصية .- هو : عرف نفسه فى القصة (أنا الدكتور عبد الرحمن عراقي ولكني أحمل الجنسية الإنكليزية ) .قدم نفسه لنا بسهولة فلم نجهد أنفسنا عناء البحث عن غموضه أو كيانه 0 أحيانا عندما نعطى للقارىء كل شىء يمل )دوره هو فك لغز دهشة معرفته إسمها .- الزمكانالزمانتدور القصة فى يوم وليلة (ولهذا صحوت مبكراً وخرجت ومعي الخريطة إلى أقرب محطة مترو )وهنا تحكمت القاصة فى الزمان القصصى ولم تخرج عنه .المكانلم تستطع الكاتبة إستخدام المكان رغم تعدده ( الطائرة – المطار – البلد حيث وصلت – الفندق حيث أقامت – المترو )كان يمكن تقديم صورا أكثر بلاغة عن تلك الأماكن تفيد القاصة والقصة وتجذب القارىء .- اللغة والتصويراللغةجاءت متجانسة قوية مترابطة مع الحدث تدل على قدرة الكاتبة و خرجت من نطاق التقريرية والمباشرة رغم واقعية القصة.التصويرهذه هى مشكلة القصص الواقعية حيث لايمكننا أن ننقل الواقع إلا كما هو دون رتوش ( وهذا يتطلب قدرة كبيرة من الكاتب )لذا كان التصوير هنا فقير جدا ولم تجهد الكاتبة نفسها عناء تقديم لنا صور عن المكان الذى تزوره أو تشبيهات تجذب القارىء .رغم عدم إستخدام العبارات التقريرية فى اللغة إلا أن التصوير لم يتم إستخدامه .-
البناء القصصى
:المقدمة (كنت أتابع هبوط الطائرة صوب مدرجها قرب البحر ويكاد يخيل لمن يتابعها أنها سوف تسقط في الماء . للوصول رعشة مميزة فعندما لامست عجلات الطائرة أرض المدرج إرتعش جسدي بشدة ، لابد أنَّ الوصول إلى مكان كنت ُأحلم بالذهاب إليه هو السبب في هذا الشعور اللذيذ . )مقدمة لغوية جيدة تجذب القارىء بلغتها العالية المتماسكة .عنصر الجذب متواجد فى هبوط الطائرة وما يحمله من خيال فى ذهن القارىء مع أسئلة عن مكان الهبوط , وجهة الوصل , هلى هى رحلة أم عمل .... إلخ .(لابد أنَّ الوصول إلى مكان كنت ُأحلم بالذهاب إليه هو السبب في هذا الشعور اللذيذ . )جملة أحييك عليها .الصراع ( العقدة ) : كيف عرف المهندس إسمى ؟برغم من بساطتها إلا أنها صيغت بلغة جيدة ولكن عاب على الكاتبة أن عنوان القصة أنهى العقدة فالعنوان ( قلادة الدهشة ) إذن حل الدهشة يكمن فى القلادة .النهاية : (أطرقت إلى المنضدة التي أمامي وقد انتابتني ضحكة هستيرية لم أتمكن من كبحها رغم دهشته الكبيرة ونظرات الناس من حولنا .قلادتي كانت .. عبارة عن اسمي مكتوباً بالحرف العربي )نتيجة طبيعية لكشف المفاجأة بالعنوان ( الفاضح ) .نهاية تقليدية وصل إليها القارىء بل أن يكمل القصة , وهذا أحد أسباب عدم نجاح القصة القصيرة فنحن نعطى القارىء كل شىء ولا نمنحه فرصة لوضع الإحتمالات والأسئلة فعندما يصل إلى النتيجة يضع القصة جانبا متسائلا ( ما الذى إستفدته ؟)قلادة الدهشة .. قصة غابت عنها الدهشة والإثارة والتشويق نتاج عنوان فضح النص وشخصيات مسطحة بسيطة وحدث بسيط عفوى لم يثر جهد القارىء , ولكن صيغ فى لغة راقية متماسكة حافظت على كيان النص .
يحيي هاشم
5/8/2006