وللقلم رأى

للقلم رأى مدونة تترك للقلم العنان ليعبر عن رأيه فماذا كتب

الاسم:
الموقع: القاهرة, Egypt

لتتعرف عليّ اقرأني

الاثنين، أغسطس ١٤، ٢٠٠٦

مقالات - 1- هل الكتابة عمل إنقلابى ؟؟


هل الكتابة عمل إنقلابى ؟؟

هل الكتابة فعلا عمل إنقلابى أم إنها إمتداد لما كان موجودا من قبل ؟
وهل المبدع فعلا هو من يوجد شيئا لم يكن له وجودا من قبل ؟
سؤالان وجدتهما يغزوان رأسى وأنا أقرأ مقالان لاثنين من عظماء الأدب العربى (توفيق الحكيم – ونزار قبانى )
يقول نزار : إن الكتابة الحقيقية هى نقيض النسخ , ونقيض النقل , ونقيض المحاكاة الزنكوغرافية أو الطباعية .
ويقول الحكيم : ليس الخلق أن تخرج من العدم وجودا إنما الخلق فى الفن وربما غيره أيضا أن تنفخ روحا فى مادة موجودة لاشىء يخرج من لاشىء , كل شء يخرج من كل شىء !
أشم رائحة التناقض تفوح من بين سطروكما أيها العملاقان !!
نزار يرى أن النقل والنسخ والمحاكاة الطباعية التى يلجأ إليها الكاتب ليس كتابة حقيقة , بينما يرى الحكيم أنه ليس الخلق أن تخرج من العدم وجودا بل ان تنفخ فيما هو موجود فعلا لتخرج منه شيئا لم يستطع أحد أن يخرجه قبلك رغم أن الموجود كان أمامه طوال الوقت !

يقول نزار : إن الشعراء فى عالمنا العربى هم بعدد حبات الرمل فى الصحراء العربية , ولكن الذين غستطاعوا أن يخرجوا من المألوف الشعرى إلى اللامألوف , ويطلقوا فى السماء عصافير الدهشة , ويقيموا للشعر جمهورية لاتشبه بقية الجمهوريات يعدون على الأصابع .
ويقول الحكيم : ليس الإبتكار فى الفن أن تطرق موضوعا لم يسبقك إليه سابق و بل الإبتكار هو أن تتناول موضوعا كاد يبلى فى أصابع الآخرين فإذا هو يضىء بين يديك بروح من عندك , وليس هذا أمر يسير فما أشق أن تأتى بجديد فى موضوع غير جديد .
إذن يتضح لنا أن المشكلة القائمة هى التجديد هل هو فى أن أكتب فكرة جديدة لم يسبقنى إليها أحد ( ولنلاحظ أننا هنا لن يمكننا الحكم بطريقة جيدة على الفكرة حيث أنه لا يتوافر لدينا عنصار المقارنة أو الخبرة السابقة فيها )
أم أن نعيد إحياء فكرة مستهلكة وأكل الزمان عليها وشرب حتى شبع ونعيد تقديمها للقارىء بشكل لم يره من قبل ؟ )

ويتطرق الحكيم إلى نقطة غاية فى الأهمية فيقول :
إن أعظم معجزة فى الكون للخالق العظيم هى ( شخصية الإنسان ) , ملايين البشر تتعاقب فلا تطابق شخصية أخرى تمام الانطباق فى الأجسام والمشاعر العقلية والروح والذوق والطبع .
ولكن هل الإنسان ثابت الفكر والطباع طوال حياته المتغيرة والمتعددة الأحداث ؟
يجيب نزار فيقول : إن أهم ما فى الانسان أنه حيوان قابل للتحول والملاءمة مع كل المناخات , وكل درجات الحرارة , ولقد تأكد لى بعد ثلاثين عاما من التجارب الشعرية أنه لايوجد إنسان عربى محافظ حتى الموت .
إجابة صادمة من شاعر صدم العالم العربى كله بشعره !
ولو بحثنا قليلا وتريثنا قبل أن نثور فإننا سنكتشف أن هذا بالفعل صحيح !
فليست طباعنا وعاداتنا التى كانت فى طفولتنا هى نفسها فى شبابنا أو شيخوختنا .
بل ليس ما نفعله سرا هو ما نفعله جهرا .
بل إننا نتغير وتتغير ردود أفعالنا تبعا للموقف .

ولكن يصدمنا نزار فى النهاية ويقول :
يظل الكاتب الانقلابى يثير الدهشة حتى تصبح الدهشة عادة ثانوية لا تثير حماس الناس ولا خيالهم فيبدأون فى البحث عن إنقلابى اخر يحرك طفولتهم ويرميهم فى بحر الانبهار والمفاجأت من جديد .
لماذا ينقلب القارىء على من أثار دهشته وإعجابه ؟
يجيب الحكيم فيقول :
كل فنان ذو طابع هو حبيس طابعه إنقطع شهورا لدراسة فنان بارز الشخصية . هب نفسك لشيطان أعماله كلها مجتمعه فلن يمضى بك الوقت حتى تكون قد عرفته وأحببته وسأمته وألفته فى كل إشاراته ولفتاته وإرتفاعه وإنحطاطه وقدرته وعجزه ولكنك بعد أن تحيط به لابد أن تصيح يوما ( دائما هذه الطريقة ؟ دائما هذا الأسلوب ؟ لو يخرج عنه قليلا ! )
ولكن كيف يخرج عنه ؟ إنها ذاته تلك مسألة الطابع والشخصية مادام له طابع فلن يخلع عنه أبدا , ولا بالموت .
كل خالق ذو أسلوب سجين أسلوبه ... حتى الخالق الأعظم .
ولكن هل بالفعل يجب أن نكون كتابا فاقدى الذاكرة ؟
أو هل يجب أن ننسى ما كان حتى نبدع ؟
يقول نزار : إن علة الشعر العربى الكبرى هى أن ذاكرته قوية . والذاكرة بصورة عامة خطر على الشعر لأنها سهما متجها للوراء لاسهم ذاهب إلى المستقبل .
نحن لا نكتب إنما نمارس مجموعة من العادات الكتابية , ولا نقول الشعر إنما نتذكر .
ولكن هل هناك وصفة للكتابة الجيدة ؟
يقول نزار : الكتابة الجيدة هى التى تتخذ من البحر نموذجا لها .
فالبحر هو النموذج الانقلابى الأمثل , حيث الماء يثور على وضعه كل لحظة ويناقض نفسه كل لحظة ويفقد ذاكرته كل لحظة
أن تكون كاتبا عربيا فى هذه المرحلة الساخنة بالذات دون أن تؤمن بالشرط الانقلابى معناه أن تبقى متسولا على رصيف لطفى المنفلوطى وأبواب المقاهى التى يقرأ الراوى فيها قصة عنترة .
يتضح مما سبق أنه الخلاف والاختلاف فى التجديد أو التوليد ( توليد فكرة جديدة من فكرة قديمة ) كان وما يزال مستمرا لذا فالموضوع والأسئلة لم تصل بعد إلى إجابات قاطعة .
يحيي هاشم
الثلاثاء 25/4/2006

1 Comments:

Blogger Mohammed Arbouz said...

من الفنان
تحية طيبة
لقد صدق الحكيم حين اعتبر ان الابداع الأدبي لا ينبع من عدم إنما من أشياء موجودة أصلا فالابدع الأدبي هو عملية اعادة تشكيل ما كان مشكلا من قبل و اعطائه صورة أخرى لمدلول واحد، و لانأخد مثلا على ذلك قصص الحب و قصائده
فموضوع الحب قديم بقدم الانسان و لنقول الخلق و لكنه ما يزال يتجدد بتجدد العصور و مبدعيه. فصورة الحب المشكلة في شعر نزار ليس هي الصورة المنحوتة في شعر أمرؤ القيس أو مجنون ليلة.
لذا لا أعتقد انه بمقدور انسان حاليا ان يقول انني سأكتب في موضوع لم يتطرق له انس و لا جان من قبل فهذا افتراء و دجل . و انما يمكنه ان يقفز عاليا فرحا و هو يصرخ أخيرا استطعت ابداع صورة جديدة لموضوع قديم..

٩:٠٠ ص  

إرسال تعليق

<< Home